الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله،وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد عرض على لجنة الأمور العامة في هيئة الفتوى في اجتماعها المنعقد الاستفتاء المقدم، ونصه:
يرجى من جنابكم الكريم البيان والتوضيح: طبيبة نسائية أشرفت على مريضتها خلال مدة الحمل، وفي شهرها الأخير تبين للطبيبة أن الجنين كبير الحجم بشكل غير طبيعي، وعند الوضع قررت باجتهاد منفرد أن يكون الوضع طبيعياً دون حاجة للجوء للعمل الجراحي (القيصري) وأثناء قيامها بإنزال الجنين تعثر الأمر لكبر حجمه، وأثناء شده من موضع الكتف مات المولود، والطبيبة مضطربة تريد أن تعرف هل يترتب على أثر فعل اجتهادها المهني مؤاخذة شرعية، وإن كان حاصل، فيرجى البيان للامتثال والقيام بتنفيذ حكم الشرع الحكيم، ولكم الشكر الوافر الجزيل وحياة مليئة بجلائل الأعمال.
وقد أجابت اللجنة بالتالي:
إذا كان الطبيب حاذقاً في مهنته ، ولم يتجاوز ما ينبغي أن يقوم به، وقصد بفعله الإصلاح، وكان مأذوناً فيما يقوم به من التطبيب من الدولة، ومن المريض أيضاً في علاجه، ولم يفرط، فلا ضمان عليه فيما يترتب على هذا الفعل من ضرر. أما إذا كان جاهلاً بقواعد الطب، أو غير حاذق في مهنته، أو كان غير مأذون في مباشرة ما قام به على ما ذكرنا، أو تجاوز ما ينبغي أن يقوم به، أو قصد بفعله الضرر، أو فرط، ويحدد ذلك أهل الخبرة من الأطباء المتخصصين العدول، فإنه يضمن ما تسبب فيه من ضرر عمداً أو خطأ، ثم إن وجب الضمان بحسب ما تقدم، فإن كان المولود مات بعد ولادته حياً، فعليها الدية كاملة، فإن كان ذكرا فالدية ألف دينار ذهبي، وهي تعادل (4250) غراماً من الذهب الخالص، وإن كان أنثى فهي نصفها (عند جمهور الفقهاء)، وتلزم الطبيبة في هذه الحال الكفارة أيضا ، وهي كفارة القتل الخطأ ، وهي صيام شهرين متتابعين، وإن مات قبل الولادة فديته الغرة، وهي نصف عشر دية الرجل، سواء كان ذكراً أو أنثى، ولا كفارة عليها في قول كثير من الفقهاء، وقال البعض تلزمها الكفارة أيضاً، ثم إذا كانت الدية كاملة لزمت عاقلة الطبيبة (وهم عصبتها) موزعة على ثلاث سنوات وتشترك هي معهم ، وإن كانت الغرة فإنها تلزم الطبيبة نفسها في مالها. والله تعالى أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.